باسم الله الرحمان الرحيم
1
إن الإسلام دين : دين لا مذهب فقط ، بل وهو دين لعدة مذاهب ..
فلا التسلف وحده الإسلام كله ، ولا التصوف وحده كل الدين ، ولا التشيع ...
فلكل مذهب تاريخه وجغرافيته ..
بل ولكل مذاهب الإسلام علاقات تتسع وتضيق مع القرآن الكريم ومع السنة الشريفة ..
وليس من العدل ولا من الحق أن يدعي أي مذهب تمثيله للإسلام كله، ولا تميزه وحده كممثل وحيد للسنة ....
2
فنحن كسنيين أهل كتاب وسنة ولسنا أهل حديث فقط ..
بل ولقد إنقسم أهل السنة والجماعة إلى مذهبين : السلفية السنية والصوفية السنية ...
وكما أن لكل من المذهبين حسناته التي لا تعد ، لكل من المذهبين أيضا سيئاته التي يجب أن تحد ... فمن لا يؤخد كله لا يترك جله.
3
وكل الفارق :
أن باب السلفية الحديث النبوي الشريف وفقهاؤه أولا، بينما باب الصوفية فالذوق القلبي بسنة الإحسان على منهاج الولاية..
فقدوة السلفيين العلماء والفقهاء العاملين إن صدقوا..
بينما قدوة أهل التصوف فالأولياء قدس الله أسرارهم ما صدقوا..
4
وما دام أفق الأولياء ذو معارج: فإن فقههم إشاري وذوقي ولا يستصيغ للعامة ...
ولهذا يؤكدون بأن تربيتهم - وإن فتحت أبوابها للعامة - فهي للخاصة ، بل ولخاصة الخاصة ولأولي الألباب والحكماء أولا وأخيرا:
(ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)
(وما يذكر إلا أولو الألباب)
5
ولكن وكما مست الإجتهادات الضالة بعض فرق التسلف مست أيضا العديد من طرق التصوف ، فبات من الضروري علينا النداء برجوع التسلف لصوفيته ورجوع الصوفية لتسلفها .. فالمذهبان لا يتناقضان مبدأ وعند أولي الألباب والراسخين في العلم..
6
بل ولقد كانت مساجدنا لا تفرق بين صوفي وسلفي ، فالكل كان سني ذاكر..
ولم تظهر هاته الفرقة بالمغرب إلا بعد فتح الأبواب للسلفية الوهابية التي لها ظروفها الخاصة في المشرق ، كما أن لها دواعيها لهذا الإنتشار السريع في المغرب..
7
ولكن المذهبان اليوم وللأسف في تناقض ظاهر وفي حرب شرسة وفي تناكر كبير إن لم يصغ السلفي الحق للصوفي الحق .. وإن لم يفهم الفقيه السني الولي المربي ..
فكل من المذهبين سني إن صدق العالم، وإن صدق الولي المرشد..
(ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا)
8
ولا نسعى من خلال هاته المقدمة لتبرير سنية التصوف وحججه من القرآن الكريم والحديث الشريف ، بقدر ما نريد أن نفتح باب هذا الكتاب على إصلاحنا الصوفي الذي لن يكون حقا إسلاميا دون أن يكون سنيا سلفيا ...:
فالعمل السلفي فقط أساس المتصوف وإن كان يمثل كل أفق السلفي.
9
ولهذا نسعى من خلال معهدنا الإسلامي لفقه التصوف أن ننادي:
أولا : بتطبيب التصوف من كل الفلسفات الدخيلة ومن كل الشركيات وكل الشعوذات والقبوريات ...و..
ثانيا : بتضييق الفجوة بين السلفية والتصوف كمذهبين سنيين أصيلين ..
خصوصا وأن بعض الدول الإسلامية جعلت أو ستجعل من التصوف مرتكز لكل سياساتها الدينية ..
وهذا جليل .. لكن لا حقيقة دون شريعة ولا تصوف سني دون فقه سلفي.:
10
إذ تسعى العديد من الأيادي البادية والخفية أن تباعد بين التصوف الحق وفقهه السني بدعوى اللاعقل والذوق والبدع والفلسفات المضلة ....
وهذا كان سيبقى يسيرا إن كان فرديا ..
وإن لم تكن هنا وهناك وهنالك ميزانيات فوق الخيال ترصد وسترصد لتجنيد المتصوفة ضد السلفية كما رصدت السلفية ضد التصوف تاريخيا...
11
لكننا متفائلون وسيقى هناك أمل ما دام السلفيون :
أولا : متمسكين بظاهر فقههم دون خوض في ما لا يعلمون حتى لا ينطبق عليهم قوله تعالى ( بل كذبوا بما لم يحيطوا به علما)
ثانيا : قابلين للإختلاف وغير محتكرين لشعار (نحن وحدنا السنة).
ثالثا : منتقدين بأدب ودون خلاف لعورات التصوف التي صارت لا تعد ولا تحصى
12
وسنظل متفائلين ما قبل الساهرون على الشأن الديني في كل العالم نداءاتنا :
بوجوب تطبيب التصوف من كل الفلسفات الدخيلة ومن كل شعوذاته بفقه العمل الصوفي الذي يجعل المتصوفة فعالين لا شطاحين :
كما صارت معظم الزوايا وللأسف.
13
ولهذا وبعد 30 سنة من التصوف وبعد طواف روحي بكل الأحوال والمقامات ..
وبعد أن رسى قلبي في مقام البداية ، أجمل لكم تجربتي كسالك - خبير ولله الحمد - بكل مزاليق الحلول والإتحاد ووحدة الوجود الذي يحاول البعض نسف كل التصوف الإسلامي بفلسفاتها ، ولا يقبلها فقط كأحوال: لعلنا نؤكد أكثر سنية العقيدة الصوفية الحقة ..
14
فكل من أخذ بالحلول ووحدة الوجود أو الإتحاد على مادياتها وشكلياتها تزندق.
15
فلا تصوف دون فناء على كل الشكل وعلى كل المادة ،
وإلا (فإلهك أنت) أو (الكون إلهك):
(سبحان الله عما يشركون)
16
فكيف يكون تصوفنا حقا سنيا ؟ بل وإسلاميا لا يهوديا ولا مسيحيا؟ ولا بوديا ولا .....؟ .
أو لنقل كيف تكون سلفيتنا صوفية؟ وحقا إسلامية وشاملة؟
وإلا (فإلهك أنت) أو (الكون إلهك):
(سبحان الله عما يشركون)
16
فكيف يكون تصوفنا حقا سنيا ؟ بل وإسلاميا لا يهوديا ولا مسيحيا؟ ولا بوديا ولا .....؟ .
أو لنقل كيف تكون سلفيتنا صوفية؟ وحقا إسلامية وشاملة؟